Tuesday, May 17, 2011

انهارت مملكة مصر القديمة؟لماذا


فكري حسن قدم تصورا لما حدث في مصر قبل أربعة آلاف سنة


ـ "كشوف قديمة" هو عنوان برنامج مسلسل جديد تعرضه بي بي سي يبحث في انهيار بعض الحضارات القديمة. وقد بحثت إحدى حلقات البرنامج في الكارثة المناخية التي ضربت مملكة مصر القديمة

إن مصر العليا كلها تموت من الجوع إلى درجة أن الناس كانوا يأكلون أطفالهم

كتابة هيروغليفية-مقبرة أنختيفي حاكم إدفو


انهارت أول حضارة مصرية عظيمة قبل أربعة آلاف ومئتي سنة

وقد بنى فراعنة تلك المملكة المصرية القديمة أقوى ميراث في العالم القديم وهو أهرامات الجيزة

لكن بعد حوالي ألف عام من الاستقرار، تدهورت السلطة المركزية وانحدرت الدولة نحو الفوضى لمدة تربو على المئة عام

وظل جدل عارم يدور حول ما حدث وسببه. وحاول البروفيسور فكري حسن، من جامعة لندن بالمملكة المتحدة، أن يحل اللغز بتجميع الأدلة العلمية ليكون صورة عما حدث

واستلهم فكري حسن فكرته من مقبرة غير مشهورة في جنوب مصر دفن فيها الحاكم المحلي لمدينة إدفو أنختيفي، وتقول الكتابة الهيروغليفية الموجودة على المقبرة إن مصر العليا تموت من الجوع إلى درجة أن الناس كانوا يأكلون أطفالهم




النيل كان محور كل التغيرات




وبينما قال علماء مصريات آخرون إن الكتابة الموجودة على القبر كانت خيالا ومبالغة، يصر فكري حسن على إثبات أن الكتابة كانت حقيقية ودقيقة. وكان لزاما عليه أيضا أن يجد سببا لتلك المأساة

ثنايا كهف

وكان فكري حسن متأكدا أن النيل، وهو النهر الذي تمحورت حوله الحياة في مصر، ضالع في المسألة

ويقول إنه كان مدفوعا من البداية بأن للموضوع علاقة بالظروف البيئية التي عاشها المصريون وقتها

ودرس البروفيسور المصري السجلات الدقيقة المحفوظة في مقياس النيل منذ القرن السابع الميلادي عن فيضان النيل، وفاجأه الاختلاف الضخم في حجم فيضان النيل من سنة إلى أخرى، وهي الفيضانات التي كانت محورية لري الأراضي الزراعية

وبرزت أمام الباحث مشكلة عدم وجود سجلات تغطي الفترة موضوع البحث، أي عام ألفين ومئتين قبل الميلاد، لكن اكتشافا جديدا في إسرائيل أحرز تقدما في هذا الصدد

فقد وجدت ميرا بار ماثيو سجلا فريدا للمناخ العالمي في تلك الفترة موضوعا بين ثنايا كهف بالقرب من تل أبيب




فكري حسن أصر على أن كتابات المقبرة حقيقية




وتظهر تلك السجلات أن انخفاضا حادا في هطول الأمطار، بنسبة عشرين في المئة حدث في تلك الفترة وهو أضخم حدث مناخي خلال خمسة آلاف سنة. وقد حدث سنة ألفين ومئتين قبل الميلاد بالتحديد

واحتاج فكري حسن إلى إثبات آخر من حدث مناخي عالمي يكون على صلة بانهيار المملكة القديمة، إذ إن إسرائيل ومصر مختلفان مناخيا. وبالفعل حصل على الإثبات من مصدر غير متوقع

فقد بحث الجيولوجي جيرارد برنارد من جامعة كولومبيا في الولايات المتحدة عن أدلة مناخية في جبال جليد أيسلندا التي انصهرت أثناء انتقالها نحو الجنوب، مخلفة قشورا من رماد بركاني على قاع المحيط

بحيرة جافة

وكانت الفكرة الأساسية تتمثل في أن المسافة التي انتقلتها الجبال قبل ذوبانها تعطي مؤشرا عن برودة الجو وقتها

وكشفت آثار قاع المحيط عن حدوث نوبات متعاقبة منتظمة من البرد القارس في أوروبا كل ألف وخمسمئة عام، وتستمر لمدة مئتي عام. وإحدى تلك النوبات المسماة بالعصور الجليدية الصغرى حدث عام ألفين ومئتين قبل الميلاد

واهتم زميل آخر لجيرارد، بيتر ديمينوكال، بسجلات المناخ العالمي في الفترة ذاتها بالضبط

وشملت الدراسة السجلات الخاصة بكل شيء، من غبار طلع النبات إلى الرمل. وأظهرت تغيرا مناخيا حادا من إندونيسيا إلى البحر المتوسط، ومن جرينلاند إلى أمريكا الشمالية

وأكد العلماء كل ما اعتقده البروفيسور فكري حسن: تغير مناخي حاد سبب مأساة إنسانية واسعة النطاق قبل أربعة آلاف ومئتي عام، وهي مأساة نكتشفها الآن للمرة الأولى

وعوداً إلى مصر، أراد الباحث المصري أن يضع اللبنة الأخيرة متمثلة في دليل مباشر على التغير المناخي الشديد الذي أصاب النيل في تلك الفترة

وقد وجده الباحث حين اكتشف عن طريق الحفر في قاع بحيرة قارون التي يغذيها أحد روافد النيل أن البحيرة جفت تماما في تلك الفترة، وهي المرة الوحيدة في التاريخ التي جفت فيها تلك البحيرة

وأخيرا شعر فكري حسن أنه أثبت أن الكتابات الموجودة على مقبرة أنختيفي كانت حقيقية، وبالتالي فإن الطبيعة هي التي سببت المأساة

منقول عن الدكتور فكرى حسن

No comments: